شاهد الكثير منا مانشر في الصحف وفي بعض المواقع الصورة التي شكلتها الطالبة “سارة مشعل العميري” بجامعة الأميرة نورة، حيث شكلت لوحةً من مقتنيات والدها الذي توفي إثر حادث مروري”رحمه الله وجميع موتى المسلمين” وقد شاركت بها في معرض للفنون البصرية بالجامعة بعنوان “عادت ولم يعد” ووضعت عقال والدها ونظارته وعدداً من أوراقه ومقتنياته التي كان يحملها معه لحظة وقوع الحادث، في إطار براويز وذلك ضمن مادة التصوير التشكيلي.

لم تصدر هذه العبارة عبثاً ولم تكتبها صدفةً، بل صدرة من قلبٍ تجرع مرارة الحزن وذاق معنى اليتم وعين ذرفت غزير دمعها. كيف لا وهي فقدت أغلى ماتملك.

وكم من فتاة حالها حال سارة لم يعد إليها من أبيها إلا مقتنياته،وكم من عروس لم يعد إليها من عريسها إلا مقتنياته،وكم من أُم لم يعد إليها من ابنها إلا مقتنياته،وكم وكم وكم…….!

ولو تتبعنا أسباب كل هذا لوجدنا أن السرعة بعد قضاء الله هي السبب. حتى أصبحت الحوادث مشهد يتكرر شبه يومي، قلما نستقل مركباتنا بُغية السفر إلا ونجد بطريقنا سيارة مقلوبةً ،وأخرى محترقة،وثالثة قد تغيرت معالمها من شدة الارتطام،كم شاهدنا شباباً في عمر الزهور تلطخوا بالدماء منهم من فارق الحياة ومنهم على وشك والسبب السرعة.وكم رأينا من شيخ يئن وعجوز تبكي وفتيات يصرخن وأطفال مفجوعين والسبب السرعة،كم رأينا رجال الإسعاف والدفاع المدني يجمعون الأشلاء من على الطرقات والسبب السرعة،كم من المصابين في المستشفيات منهم من إصابته مستديمة ولو سألته عن السبب لقال السرعة.

نشاهد كثيراً التحذيرات والمساويء التي تعقبها السرعة ولكن لايزال هناك مجموعة كبيرة تصر على السرعة.

فيا أيها الشاب تصل متأخراً خير من أن لاتصل أو تصل وأنت مضرجاً بدمائك.

تصل متأخراً خير من إعاقة مستديمة. أو كسوراً مضاعفة.

فلنتق الله في أنفسنا وفي من معنا وفي من هم في انتظارنا.

يقول الشاعر:
وسائق بظلام الليل مندفع
مل المسير ومنه الجفن نعسان
تسير برقا بأحلام مجنحة
ولا بفكرك   للأخطار حسبان
فإن زلقت فوحش الموت منتظر
وإن سهوت فوحش الموت يقظان
سر أي درب ولكن دونما تعب
ولا نعاس، فإن النوم سلطان
وإن شعرت بضيق حل أو كسل
قف لا تتابع، فطول السير خسران
كن هادئا في الطريق، لا تكن بطلا
ما في السياقة أبـطال وشجعان
ليس المهارة طي الدرب مندفعا
فللسياقة أخلاق وأركان
يا من تسوق بهذي الناس حـافلة
إن التسارع وقت الليل خوان
ويـلاه ويلاه إن زاغت وإن صـدمت
للموت تظهر أشكال وألوان
كم في التصادم من رعب وكم يـبست
من الــحوادث أطراف وأبدان.